منتدى التقنية المتخصص THE SPECIALIST /Nasser Ali Afra

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التقنية المتخصص THE SPECIALIST /Nasser Ali Afra

THE SPECIALIST


    [size=18]سر اسلام العملاق واستاذ اللاهوت وكبير المنصرين يكون القاضية بإذن الله[/size]

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 46
    تاريخ التسجيل : 06/09/2009

    [size=18]سر اسلام العملاق واستاذ اللاهوت وكبير المنصرين يكون القاضية بإذن الله[/size] Empty [size=18]سر اسلام العملاق واستاذ اللاهوت وكبير المنصرين يكون القاضية بإذن الله[/size]

    مُساهمة  Admin السبت أبريل 17, 2010 11:15 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لا أكذب عليكم ولكن الحق أقول لكم حينما طالعت هذه الأيات لأول مرة لم أفهمها فهى عبارة عن حلم للنبى دانيال حتى أننى قد بذلت مجهودا ضخما للحصول على افضل نسخ الانجيل وهى النسخة السبعينية والأغرب أن يكون من نصيبى أول فتح له أن يكون هذا الحلم الملغوذ ، الحق لم أفهم شئ حاولت مرات ومرات أن أفهمه ، ولكننى خرجت فى النهاية بقناعة خطيرة أن هذا الحلم ناموس عظيم ، ومن سيفسره سيؤدى القاضية ، الحق ما أقوله لكم لابد أن وراءة سر أعظم أتعلمون ما ورائه، سبحانك يارب ، أأكد لكم أن من يفسره بدقة من الأحداث التاريخية وشواهده ، ستؤدى به حتميا لا محالة إلى الإسلام وستبتعد به عن الصليبية التى إبتدعها عابد الشمس الذى لم يتنصر حتى بالدين الذى زعمة إنه قسطنطين الثابت عنه عبادته للشمس حتى الموت وهو عدو المؤمنين من النصارى الذين أمنوا بعيسي حق الإيمان .
    وما زال التحدى منى قائما من يفسر هذه الأيات بحقها ويبتعد عن كفر قسطنطين أأكد أنه سيعرف الله حقاوهذه دعوة للجميع.
    ولكننى سأقصر عليكم البحث وسأعطيكم النتائج وأتحدى لو كانت خاطئةفكلها سليمة مائة بالمائة، لن أطيل أيضا فكنت فى نفس الوقت أبحث عن سبب إسلام هذا العملاق الذى تمنيت أن أقابله شخصيا لأتعلم منه -إننى أحبه فى الله-كانت النتيجة من بحثى مزهلة بل دفعتنى للصلاة وشكر ربى على ذلك والحمد لله ، ظنى فى الآيات كان صحيحا وكيف لا تكون صحيحة فكل ما لن تفهمه ولن تدركه فى الإنجيل هو بشرى بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
    ولكن أنتم متشوقون ما هذه الرؤية الصريحة فى الإنجيل والتى تسببت فى إسلام هذا العملاق وأستاذ اللاهوت وكبير المنصرين صاحب كل هذا السلطان الذى تركه لأصحابة ، الرجل فكره خطير علمه غزير فما سبب خروجه عن ملته ، إنها إرادة الله لمن تتبع دينه ، إنه الدكتور وأستاذ اللاهوت القس عبد الأحد داود وإليكم الموضوع تفصيلا :
    لقد اكتشف الرجل أن الدين المسمى بالمسيحية ليس هو الدين الذي جاء به المسيح بن مريم عليه السلام .. و لكن المسيحية المعاصرة هي ذلك الدين الذي أقامه قسطنطين عدو المؤمنين.

    - ولكي نعرف كل شيئ فتعال معا نبحر في أعماق العهد القديم من الكتاب المقدس و تحديدا في سفر دانيال الإصحاح السابع .. ولنقرأ معا نص البشارة التي بسببها اهتدى عبد الأحد داود .. أجاب دانيال وقال "كنت أرى في رؤياي ليلاً وإذا بأربع رياح السماء قد هيجت البحر الكبير. وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك. الأول كالأسد وله جناحا نسر وكنت أنظر حتى انتتف جناحاه وانتصب عن الأرض وأوقف على رجلين كانسان وأعطى قلب إنسان وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب فارتفع على جنب واحد وفي فمه ثلاثة أضلع بين أسنانه فقالوا له هكذا قم كل لحما كثيرا وبعد هذا كنت أرى و إذا بآخر مثل النمر وله على ظهره أربعة أجنحة طائر. وكان للحيوان أربعة رؤوس وأعطي سلطانا. بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة. أكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون كنت متأملا بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم وبينما كنت أرى إذ وضعت عروش وجلس القديم الأيام لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة نهر نار جرى وخرج من قدامه ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه فجلس الدّيِّن وفُتحت الأسفار. كنت أنظر حينئذ من أجل صوت الكلمات العظيمة التي بها القرن. كنت أرى إلى أن قُتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار أما باقي الحيوانات فتُنـزع عنهم سلطانهم ولكن أعطوا طول حياة إلى زمان ووقت كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان ( اللفظه الاراميه بارناشا كالعبرية بن آدم) أتى وجاء الى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له "تطيعه" كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لا يزول وملكوته مالا ينقرض. أما أنا دانيال فحزنت روحي في وسط جسمي وأفزعتني رؤى رأسي. فاقتربت إلى واحد من الوقوف وطلبت منه الحقيقة في كل هذا. فأخبرني وعرفني تفسير الأمور. هؤلاء الحيوانات العظيمة التي هي أربعة هي أربعة ملوك (أربعة ممالك) يقومون على الأرض. أما قديسو العلي فيأخون المملكة الى الأبد والى الآبدين. حينئذ رمت الحقيقة من جهة الحيوان الرابع الذي كان مخالفا لكلها وهائلا جدا وأسنانه من حديد وأظافره من نحاس وقد أكل وسحق وداس الباقي برجليه وعن القرون العشرة التي برأسه وعن الآخر الذي طلع فسقطت قدامه ثلاثة وهذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره أشد من رفقائه. وكنت أنظر واذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم حتى جاء القديم الأيام وأعطي الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فامتلك القديسون المملكة. فقال هكذا: أما الحيوان الرابع فتكون مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك فتأكل الأرض كلها وتدوسها وتسحقها. والقرون العشرة من هذه المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك. و يتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغير الأوقات (الأعياد) والشريعة Law) ) ويسلمون ليده إلى زمان وأزمنة ونصف زمان (إلى زمان وزمانين ونصف زمان في النسخ القياسية وبعض النسخ العربية). فيجلس الدين وينـزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلى المنتهى. والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي "الله". ملكوته ملكوت أبدي وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون إلى هنا نهاية الأمر"

    - هنا يرى النبي دانيال عليه السلام وحوشاً تخرج متتابعة من البحر.. ويُفسر الملاك لدانيال النبي الرؤيا (فاقتربت إلى واحد من الوقوف وطلبت منه الحقيقة في كل هذا) بأنّ هذه الوحوش تُمثِّل أربعة ممالك ستقوم متتابعةً على الأرض بدءاً من زمانه و ستكون كالتالي:
    1- أسد .. مملكة البابليين (المملكة الأولى 612-539 قبل الميلاد) هذه التي تمت خلالها الرؤيا
    2- دبّ .. مملكة الفرس ( المملكة الثانية 539-331 قبل الميلاد) التي قضت على حكم البابليين
    3- نمر ذو أربعة رؤوس وأربعة أجنحة.. دولة الإغريق (331 -63 قبل الميلاد) فهي التي قضت تاريخياً على المملكة الفارسية وقد صرّح كتاب دانيال نفسه باسمها في الإصحاح الثامن بعنزة ذات قرن كبير بارز من بين عينيها ينكسر ويقوم مكانه أربعة قرون أخرى تمثل الأجزاء التي تنقسم إليها مملكة الإغريق من بعد وفاة الإسكندر المقدوني .. انتيجوناس Antigonus تملك آسيا .. وسيطر سيليوسيد Seleucus على بابل والشعوب التي جمعت إليها .. وكاساندر Cassander على مقدونيا .. وبطليموس Ptolemy على مصر.
    4- وحش رابع هائل .. و هي مملكة الرومان التي قضت على اليونانيين (الإغريق) وتم لها انتزاع الأرض المباركة منها عام 63 ق.م وظلت حاكمة للأرض المباركة حتى عام 638م حين انتزعتها منها دولة الإسلام مملكة العلي. ويرى دانيال على رأس هذا الحيوان الرابع "دولة الرومان" عشرة قرون .. يفسرها له الملاك بأنها تمثل عشرة ملوك ضمن ملوك هذه المملكة الرابعة.

    - وما يهمنا هنا من تلك المملكة الرابعة "الرومان" هي فترة حكمهم للأرض المباركة بين عامي 63 ق.م إلى 638 م. إن مملكة العلي ( دولة الإسلام) التي انتزعت منهم الأرض المباركة هي نفسها التي قضت عليهم تماماً فيما بعد واحتلت عاصمتهم فيما بعد "القسطنطينية" .. فلا مفر بأن المملكة التي تبعت مملكة الروم كانت هي دولة الإسلام .. وعن الملوك العشرة ضمن المملكة الرابع فإن هؤلاء العشرة من ملوك المملكة الرابعة هم ممّن سيحكم الأرض المباركة من ملوكها .. ثمّ يأتي بعدهم قرن آخر (ملك آخر) يقلع ثلاثة قرون (ملوك) ويختلف تماماً عمن سبقه فله عينين وفم متكلم بعظائم وفسره الملاك لدانيال بأنه ملِك آخر يختلف عن العشرة السابقين له وأنه سيغلب ثلاثة ملوك وأنه سيضطهد المؤمنين ويبتليهم وسيتكلم بكلام ضد العليّ ويغيّر أعياد المؤمنين ويغيّر دينهم وسيظل المؤمنين تحت حكمه لمدة ثلاثة أحقاب زمنية ونصف الحقب إلى أن يظهر قدّيسي العلي (عباد الله الصالحين .. المسلمين) فينتزعون الأرض ويقيمون مملكة الله الأبديّة التي يخضع لها سلاطين الأرض .. وتنضوي تحتها شعوب الأرض .. ويبقى أن نعود مرة أخرى إلى البشارة لنتعرف على هذا الملك الروماني الذي سيأتي بعد عشرة ملوك سابقين عليه ومختلفين عنه ومن المناسب هنا أن نذكر أنه لم يهتد إلى تفسير هذه الرؤيا سوى عبد الأحد داود رحمه الله وقد كان أستاذاً في علم اللاهوت المسيحي فآمن وأسلم وألف كتابًا عن البشارات بالرسول صلى الله عليه وسلم .. فاهتدى إلى معرفة هذا الملك الروماني صاحب الإفك العظيم على الله عزّ وجل ّ.. والذي تحدثت عنه البشارة أعلاه و صفاته تتلخص فيما يلي:
    - أنه من ملوك الروم.
    - أنه سيأتي بعد عشرة ملوك سابقين عليه.
    - أن سياسته ستكون مخالفة للعشرة ملوك الذين سبقوه.
    - أنه سيغلب ثلاثة ملوك.
    - أنه سيحارب المؤمنين ويبتلون به.
    - وأنه سيُغيّر أعيادهم .
    - وأنّه سيُغير دين المؤمنين وشريعتهم .. وقد ذكر الدين باسم الشريعة Law
    - أنّه ذكي وداهية فالقرن الذي يمثله يتميز بأن له لسان وعيون.
    - أنّه سيتكلم بكلام عظيم ضد الله عزوجلّ.
    - أنّ حكمه سيستمر لمدة ثلاثة أحقاب زمنية ونصف إلى أن تقوم مملكة الله فتنتزع الأرض المباركة من حكمه ..
    .. إنه قسطنطين بلا شك.. إن المملكة الرابعة هي مملكة الرومان بلا شك .. فما بقي إلاّ أن نبحث في التاريخ الروماني عن عشرة ملوك تبعهم ملك يختلف عنهم ويحمل المواصفات المذكورة أعلاه.

    - تذكر كتب التاريخ أسماء العشرة الأباطرة الذين قاموا بتعذيب اتباع المسيح عليه السلام واضطهادهم وهم: نيرون ودوميشان وتراجان واوريلياس وسيبتيمياس سويسرس ومكسيمن وديسيوس وفالريان وأوريليان وديوكليتيان.

    - وهنا نستدل بقول أحد النصارى وهو ناشد حنا فـي كتابـه " دانيال آية آية " ( الطبعة الثانية ص 53): " ثم في أيام الأباطرة العشرة الذين اضطهدوا المسيحيين اضطهاداً مريراً" .. والإشارة إلى هؤلاء العشرة أباطرة الذين حكموا الأرض المباركة مناسبة هنا لموضوع البشارة الذي يستعرض تعاقب الممالك والملوك الظلمة السابقين لمجيء مملكة الله لحكم الأرض المباركة.

    - وقد جاء بعد هؤلاء الأباطرة العشرة قسطنطينُ (305 -337 م) كحاكم بسياسة مختلفة تماماَ عن سابقيه فبدلاَ من مواصلة الحرب على النصرانية .. سعى إلى مزجها بالوثنيات أيام عصره وتوحيدها في دين واحد تتبناه الدولة .. توحيداً وتثبيتاً لها كما يذكر المؤرخون .. وقسطنطين هو الذي حارب ثلاثة ملوك .. فقد كان للإمبراطورية حاكم أو إمبراطور واحد حتى عهد قسطنطين حيث أصبحت الإمبراطورية الرومانية للمرة الأولي بتاريخها تحت حكم أربعة أباطرة .. كل منهم على جزء مستقل .. وجاء قسطنطين إلى الحكم عام 305 م ليجد أمامه ثلاثة أباطرة آخرين هم فاليريوس ليسنيوس Valarius Licinius وماكسيمن دانا Maximin Dana في الجزء الشرقي من الإمبراطورية وماكسنتيوسMaxentius بجانبه في الجزء الغربي من الإمبراطورية.

    - اتفق قسطنطين مع ليسنيوس Licinius الذي صاهره وزوّجه أخته قسطنطينه Constantia وارتبط معه بحلف في ميلانوعام 313م قبل معركة الأخير مع خصمه ومنافسه بالشرق ماكسيمن دانا Maximin Dana فقضى قسطنطين على ماكسنتيوس الذي ينازعه حكم الجزء الغربي في معركة جسر ميلفيان (Milvian Bridge) عام 312 م . ثم ساعد صهره ليسنيوس (Licinius) في التخلص من خصمه ماكسيمن دانا في السنة التالية ثم تواجه مع ليسنيوس نفسه بعد ذلك في سلسلة من الحروب بدءاً من عام 313 حتى غلبه عام 323 م باستسلام ليسنيوس ومعه ثلاثين ألفاً شريطة الحفاظ على حياته إلا أنّ قسطنطين غدر به بعد ستة أشهر من استسلامه وقتله عام 324 م واسترق ابنه الذي كان يوما من الأيام متوجاً مع ابن قسطنطين كخلفاء للأباطرة ( قياصرة) .. فقضى قسطنطين بذلك على ثلاثة أباطرة.

    - وكان وثنياَ يؤمن بعبادة الشمس وأنها الإله الأوحد وملأ بشعار ديانته الوثنية هذه كل شعارات الدولة وأعلامها وعملتها ونصب لها التماثيل في كل ناحية وتصرف طيلة عمره كله كرئيس كهنة ديانة عبادة الشمس وسمي عهده بعصر إمبراطورية الشمس و من الثابت أنه لم يعمد كمسيحي إلا عند احتضاره عام 337.

    - وقد سعى قسطنطين بمكر إلى خلط الأديان وتقريبها وتوحيدها لتكون للدولة ديانة واحدة متجانسة ومتعايشة ويذكر هنا أن قضية الإيمان لدى قسطنطين هي باختصار قضية سياسية وأي إيمان سيدعم هدف الوحدة فسيُعامل بتلطف وإذ يبني قسطنطين كنيسة في ناحية من المدينة ينصب صنماَ لمعبودهم الأم سيبيل وآخر للشمس المعبودة في نواحي أخرى من المدينة كما صنع بالقسطنطينية عند افتتاحها عام 330 م ( أي بعد مجمع نيقية بسنوات!).

    - وحتى تكسب ودّه الكنيسة النصرانية التابعة لمدرسة بولس فقد جارته فيما يريد فاتخذت يوم الشمس sun-day أو الأحد بالعربية اتخذته يوماَ للراحة الأسبوعية بدلاَ من السبت الذي كان النصارى بخلفية دينهم اليهودية مازالوا يعظمونه وكان كل يوم من أيام الأسبوع ينسب لكوكب فالسبتSatur-day هو يوم زحل Saturn والأحد Sun-day هو يوم الشمس Sun والاثنين Mon-day هو يوم القمر Moon وكان قسطنطين عام 321 م قد أصدر أمراَ بإغلاق المحاكم في يوم الشمس ( يوم الأحد) واعتبره يوم الراحة الأسبوعية وتبعته في ذلك الكنيسة النصرانية وقامت الكنيسة فاتخذت من يوم ولادة الشمس ( يوم التحول عن الشتاء بالجزء الشمالي من الكرة الأرضية أو بدء تطاول النهار بعد بلوغ تقاصره منتهاه) وهو يوم 25 ديسمبر اتخذته يوماً وعيداً لميلاد للمسيح وقد كان عيداَ للوثنيات التي ألّهت الشمسَ وعبدتها بفارس والروم كما هو ثابت.
    - وكانت أشد نقاط التغيير بالمسيحية هي دعوة قسطنطين لمجمع نيقيةNicaea عام 325 م وقد اجتمع عدد كبير من علماء المسيحية ذكر بعض المؤرخين أنه تجاوز الألفين ولكن قسطنطين تبنى رأي أقلية ( 318 قسيساً) قائلة بتأليه المسيح وتدخل مباشرة- على وثنيته- في صياغة النص العقدي الذي تبناه مجمع نيقية وفرضه على كل المسيحيين بالإمبراطورية واعتبر أن كل ما يخالف ذلك هرطقة وردّة.

    - وكان من أخطر ما أقدم عليه إصداره مرسوما في العام التالي لمجمع نيقيه بمصادرة وتدمير كل أعمال وكتابات المناهضين لقرارات نيقيه ثم إصداره عام 331 م أمرا بإصدار نسخاً جديدة من الكتاب المقدس مما اعتبره مؤلفوا المرجع The Messianic Legacy "واحداً من أهم القرارات الأحادية التي أثرت على كل التأريخ المسيحي ويذكر هنا أن الإمبراطور ديوكليتيان كان قد أحرق كل ما أمكن الحصول عليه من الكتب المسيحية ويرى المؤلفون للمرجع أعلاه أن هذا قد أخلى المجال لأصحاب نيقيه للحذف والزيادة في الكتب بما يرونه متفقاً مع عقيدتهم. حتى يذكر المؤلفون أعلاه " أنه من بين الخمسة آلاف نسخة قديمة موجودة للعهد الجديد ( الأناجيل والرسائل المسيحية) لا توجد نسخه واحدة سابقة للقرن الرابع الميلادي. وفي هذا يذكر مؤلفو كتاب The messianic Legacy أعلاه يقولون : "إن من العدل القول بأن المسيحية التي نعرفها اليوم لم تنبثق من أيام عيسى بل من مجمع نيقيه ولأن مجمع نيقيه كان جلّه من صنع يديّ قسطنطين فإنّ المسيحيّة (أي مسيحيّة اليوم ) مدينة له بالفضل".

    - ومن هنا فقسطنطين هو الملك الروماني الذي جاء بعد عشرة يختلفون عنه ضمن المملكة الرابعة وهو الذي هزم ثلاثة أباطرة روم آخرين وهو الذي غيّر أعياد المؤمنين الأسبوعية والسنوية وغيّر دينهم وغير كتبهم وطارد المؤمنين الصادقين وصادر كتبهم و حرقها وهو الذي استغل بدهاء ومكر كما يذكر المؤرخون الدين ليوحد مملكته ويثبت حكمه وهو الذي تكلم على الله بكلام عظيم حين تبنى القول بأن لله ابناَ وصاغ بنفسه للنصارى – كما تذكر جميع المصادر- عبارة أن الابن مولود من الأب لكنه مساو له ومؤلف من نفس مادته .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا ً.. هذه العبارة التي أصبحت جوهر عقيدة كل النصارى وقد ذكر في كتاب الله العزيز المرسل إلى خاتم الأنبياء أن هذه الكلمات تكاد تتفطر لها السماوات .. فقسطنطين بذلك هو الملك الروماني الذي تكلم ضد العلي عزّ وجل ّ.. هذا وقد استمرت الأرض المباركة محكومة من قبل قسطنطين وخلفائه بطراز جديد من الحكم الروماني حتى دخـلت تماما فـي ظـل الخلافة الإسلامية ( مملكة الله المنتظرة) بعد 334 عاما ميلاديأً (من عام 305 م حتى 638 م وكان فتح القدس عام 638م أي بعد 346 عاما تماماً من الأعوام القمرية اليهودية أو بعد ثلاثة قرون ونصف قرن ( ثلاثة أزمنة ونصف) من بدء حكم الملك الروماني المفصلة صفاته بوضوح بالبشارة أعلاه وقد قال بعض النصارى أن مدة حكم هذا "الملك الضال" كما لقبوه ستستمر لخمسة وثلاثين عاما (فهماً من أخبار النبوءة بأنها ثلاثة فترات زمنية ونصف) وهو فهم ينطبق أيضاً على مدة حكم قسطنطين المباشرة والتي استمرت حوالي 34 عاما قمرياً على التقويم اليهودي أو تزيد .. وهذا من تمام انطباق صفات الملك الخبيث المذكور بالبشارة على شخصية قسطنطين أن تنطبق على فترة حكمه المباشر أو على فترة الحكم الذي أنشأه على الأرض المباركة بفلسطين مدة ثلاثة أزمنة ونصف سواءً فسر الزمن بعقد أو بقرن.

    - إنه لو وُصف قسطنطين بصفة واحدة لكفت لتحديده فمَن مِن أباطرة الروم مَن يشاركه في أي صفة منها؟ فكيف وقد وصف بعشر صفات لا يشاركه في أي منها أحد؟ .. فهو الملك الروماني الذي جاء بعد عشرة ملوك قبله لكنه مختلفا عنهم وهو الذي تخلص من ثلاثة ملوك آخرين وهو الذي غير أعياد المؤمنين الأسبوعية والسنوية وليس في التأريخ من يشاركه في ذلك وهو الذي غيّر دين المؤمنين وكتبهم وهو الذي تقوّل على الخالق عزّ وجل بكلام عظيم جداً وهو الملك الماكر الخبيث الذي استخدم ذكاءه في المكر بالمؤمنين ومُيّز في النبوة بأنه القرن ذو الفم والعينين الأشد من القرون قبله وهو الذي اضطهد المؤمنين وطاردهم وهو الذي استمر الحكم الذي وضعه بالأرض المقدسة مدة ثلاثة قرون ونصف تامة على الحساب القمري المستخدم بالتوراة.. أبعد كل هذا يبقى هناك أي مجال لأي تفسير بديل.. وهل يزيدنا ذكر اسم قسطنطين يقينا بأنه هو الملك المقصود بعد أن اجتمعت كل هذه الصفات ولم يجتمع لأي ملك آخر منها شيء.

    - ولا يقدم النصارى أي تفاسير أخرى مقبولة .. ولعلَ أقوى ما قدم هنا هو القول بأن هذا الملك المفصلة صفاته أعلاه هو انطيوخيوس الرابع Antiochus 175-163 قبل الميلاد وهذا خلط واضح فانطوخيوس هذا من ملوك المملكة الثالثة اليونانية وليس من ملوك الرومان المملكة الرابعة ولا تنطبق عليه أياً من الصفات التفصيلية الأخرى التي فصلها الإصحاح السابع والتي رأينا أعلاه كيف انطبقت تماما على قسطنطين إن الإصحاح الحادي عشر قد تحدث بوضوح عن انطوخيوس كأحد ملوك اليونان صراحةً و هذا الإصحاح ( الحادي عشر) لا علاقة له بدانيال الذي عاصر نبوخذنصر وأن كاتبه كان معاصراً للأحداث أيام انطوخيوس وأنه كان يعتقد أن مملكة الله المنتظرة ستعقب انطوخيوس مباشرة وأنه كتب هذا الإصحاح أثناء عهد انطوخيوس فجاءت نبواته عن بقية عصر انطوخيوس بالتالي غير صحيحة مما يضع استفهاما بارزاً عند معظم الباحثين حول صحة تأليف الإصحاح الحادي عشر.

    - ثم يذكر دانيال النبي أنه رأى في رؤى الليل مع سحب السماء مثل ابن الإنسان (ابن آدم) وقد رفع إلى قديم الأيام عزّ وجلّ وقرّب إليه حيث أعطاه السلطان والمجد والمملكة التي سينضوي تحتها كل الناس والأمم والألسن في سلطان أبدي ومملكة لا تـنقرض .. وهذا مايؤكده القرآن حين يقول "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى. وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى".. وهي التي ستقضي على المملكة الرابعة .. وهكذا فإن مملكة الله الأخيرة والباقية إلى منتهى الأزمان سينشئها ويقيمها إنسان مختار من أبناء آدم يعرج به إلى السماء ويلتقي فيها بدانيال ويعطى هنالك التأييد والمكانة المرموقة أو المجد فينشئ مملكة الله التي ستنـزع الأرض المباركة من أيدي دولة الروم (المملكة الرابعة) وتنضوي تحت لوائها مختلف شعوب الأرض وألسنتها .. وكذلك كانت دولة الإسلام وأمته باقيةَ إلى يوم القيامة .. تنضوي تحت لوائها مختلف شعوب الأرض وألسنتها .. قد جاءت من بعد دولة الروم فعلاً وانتزعت منهم حكم الأرض المباركة .. ومن بين كل مَن حكم الأرض المباركة بفلسطين لم يُقِم أحدٌ حُكماً باسم الله تعالى غيرَ المسلمين .. فاستحق لذلك حكمهم وحده ان يسمى بمملكة الله .. وهو فقط الذي جاء فعلاً بعد المملكة الرابعة .. الرومانية.

    - فهل رتب المسلمون مملكتهم لتأتي بعد الرومان في حكم الأرض المقدسة بفلسطين؟ أم هل رتب المسلمون تأريخ قسطنطين فجاء ضمن الإمبراطورية الرابعة منذ عصر دانيال ومختلفاً عن عشرة أباطرة اضطهدوا المسيحيين جاء هو بعدهم وجاء بدهاءٍ فريد فغير دين المؤمنين وغير كتبهم وغير أعيادهم الأسبوعية والسنوية تماما كما ذكر بالبشارة .. وهل رتب له المسلمون هزيمة ثلاثة ملوك رومانيين آخرين؟ وهل أوحوا إليه بالتقول على الله حتى تنطبق عليه أخبار البشارة؟ ثم هل رتب المسلمون له ولخلفائه حكم الأرض المباركة لثلاثة قرون ونصف ( ثلاثة أحقاب ونصف) قبل أن يرثها المسلمون؟ وهل أوحوا إلى رسولهم الأمي أثناء ضعفه وتكذيب الناس له في بداية دعوته أن يأتي الناس بما لايسهل تصديقه بخبر معراجه إلى السماوات ليلا ولقائه بأنبياء الله قبل أن يقدّم إلى قديم الأيام عز وجل. فيعود إلى الأرض لإقامة مملكة الله. ثم كيف رتبوا له ولأنفسهم هذا الإرث السريع للأرض المباركة وما حولها فانطوت تحت مملكتهم الشعوب من مختلف الألسن والأجناس؟ وما زال المسلمون بالأرض المباركة وإن حَكَم الصليبيون واليهود أجزاء منها لفترات من التاريخ وهل يزيدنا يقينا ذكر اسم دولة الإسلام بأنها المملكة المقصودة من بعد الإمبراطورية الرومانية؟ وهل يحتاج القارئ أي توضيح ليعلم أن ابن الإنسان ( ابن آدم) صاحب المعراج السماوي الليلي إنما هو "سيد ولد آدم" محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعلن للناس عن معراجه ولقائه بالأنبياء قبل إنشائه لمملكة الله الربانية بسنوات؟
    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 46
    تاريخ التسجيل : 06/09/2009

    [size=18]سر اسلام العملاق واستاذ اللاهوت وكبير المنصرين يكون القاضية بإذن الله[/size] Empty سلامة التحليل السابق تاريخيا

    مُساهمة  Admin السبت أبريل 24, 2010 5:29 pm

    ولتأكيد تحليل الرجل تاريخيا وإظهار مدى التخبط الذى عانته المسيحية فى فترة حكم قسطنطين والتى أصبحت هى المسيحية بكل طقوسها اليوم، سنذهب سويا الى هذه الصفحة لموقع ليس دينى ولكنه تاريخى ويهتم بالتاريخ، والرابط هو:
    http://muhtawa.org/index.php/%D9%82%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84#.D9.82.D8.B3.D8.B7.D9.86.D8.B7.D9.8A.D9.86_.D9.88.D8.A7.D9.84.D9.85.D8.B3.D9.8A.D8.AD.D9.8A.D8.A9

    واضغط هناhttp://muhtawa.org/index.php/%D9%82%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84#.D9.82.D8.B3.D8.B7.D9.86.D8.B7.D9.8A.D9.86_.D9.88.D8.A7.D9.84.D9.85.D8.B3.D9.8A.D8.AD.D9.8A.D8.A9
    والنص هو
    قسطنطين الأول
    المراجعة الحالية (غير مراجعة)قسطنطين الأول Constantine I
    إمبراطور روماني للإمبراطورية الرومانية

    تمثال لرأس قسطنطين
    فترة الحكم 25 يوليو 306 – 29 أكتوبر 312 (خوطب بلقب أغسطس في الغرب, واصبح رسمياً قيصر من قِبل گالريوس مع سڤروس باسم أغسطس, بالإتفاق مع ماكسيميان, رفض أن يـُخفـَض إلى قيصر في 309)
    29 اكتوبر 312 – 19 سبتمبر 324 (فهو أغسطس بلا منازع في الغرب, وأغسطس الأكبر في عموم الامبراطورية)
    19 سبتمبر 324 – 22 مايو 337 (امبراطور الامبراطورية الموحدة)
    الاسم الكامل چايوس فلاڤيوس ڤاليريوس أورليوس كونستانتينوس
    ولد 27 فبراير ح. 272[1]
    نايسوس (نيش المعاصرة, صربيا)
    توفي 22 مايو 337
    سبقه قنسطنطيوس خلوروس
    تبعه قنسطنطين الثاني, قنسطنطيوس الثاني و كونستانس
    زوجة/زوجات Minervina, died or divorced before 307
    فاوستا
    الأنجال Constantina, هلينا, Crispus, Constantine II, قنسطنطيوس الثاني و Constans
    الأسرة Constantinian
    الأب قسطنطين كلوروس
    الأم هيلانة

    قسطنطين الأول (27 فبراير 272 - 22 مايو 337) أو باسمه الكامل گايوس فلاڤيوس ڤالريوس أورليوس قنسطنطينوس (باللاتينية Gaius Flavius Valerius Aurelius Constantinus) هو إمبراطور روماني يعرف أيضا بالإسم قسطنطين العظيم. [2] لقد كان حكم قسطنطين نقطة تحول في تاريخ المسيحية. عام 313 أصدر مرسوم ميلانو الذي أعلن فيه ‘لغاء العقوبات المفروضة على من يعتنق المسيحية وبذلك أنهى فترة اضطهاد المسيحيين كما قلم بإعادة أملاك الكنيسة المصادرة. هنالك خلاف بين الباحثين إذا ما كان قسطنطين قد اعتنق المسيحية في شبابه تحت تأثير أمه هيلانة أم أنه تبنى المسيحية تدريجيا خلال حياته. بالإضافة إلى ذلك كان قسطنطين قد دعى إلى عقد مجمع نيقية، المجمع المسكوني الأول عام 325. عام 324 أعلم قراره بتحويل بيزنطة إلى روما الجديدة وقد قام عام 330 بإعلانها عاصمة رسمية للإمبراطورية الرومانية. وقد تم تغيير اسم المدينة إلى القسطنطينية - على اسمه - بعد موت قسطنطين عام 337. كانت القسطنطينية أول مدينة مسيحية في العالم ولم يسمح بها ببناء معابد وثنية وستبقى عاصمة الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 1453 حين فتحها العثمانيون وتم تغيير اسمها إلى اسطنبول عام 1930.

    فهرست [إخفاء]
    1 النشأة
    2 شخصيته
    3 الجندية
    4 الإمبراطور
    5 علامة الصليب
    6 التعاون مع ليسنيوس
    7 جولة أخرى
    8 قسطنطين والمسيحية
    8.1 الرهبنة
    8.2 الأفلاطونية
    9 قسطنطين والحضارة
    10 أنظر أيضا
    11 وصلات خارجية
    12 المصادر

    النشأة
    ولد قسطنطين في نايسوس (حيث تقع اليوم نيس في صربيا) عام 272 أو 273. والده كان الجنرال الروماني قسطنطين كلوروس ووالدته كانت هيلانة. تزوج قسطنطين مرتين: أولاهما بمنيرفينا Minervina التي رزق منها بابنه كرسبس Cripus؛ والثانية بفوستا Fausta ابنة مكسميان التي رزق منها بثلاثة بنين وثلاث بنات. وأصبح كرسبس جندياً ممتازاً، وكان نعم العون لأبيه في حروبه ضد ليسنيوس في عام 326 قُتل كرسبس بأمر قسطنطين؛ وأمر الإمبراطور حوالي ذلك الوقت نفسه بقتل ليسنيانس Licinianus بن ليسنيوس من قسطنطيا أخت قسطنطين؛ وبعد قليل من ذلك الوقت أُعدمت فوستا بأمر زوجها. ولسنا نعرف سبب مقتل هؤلاء الثلاثة، غير أن زوسمس Zosimus يؤكد لنا أن كرسبس غازل فوستا، وإنها شكته إلى الإمبراطور، وإن هلينا، وكانت شديدة الحب لكرسبس، إنتقمت لموته، بأن أقنعت قسطنطين أن زوجته قد استسلمت لولده. لكن الأرجح من هذا كله أن فوستا عملت على أن تبعد كرسبس من طريق ابنها الذي كانت تريده وارثاً لعرش الإمبراطوريّة، وربما كان مقتل ليسنيانس أنه كان يحيك المؤامرات ليحصل على نصيب أبيه في الدولة.


    رأس لتمثال قسطنطنيوس والد قسطنطينونالت فوستا بغيتها بعد موتها؛ ذلك بأن قسطنطين أوصى في عام 335 بأن تقسم الإمبراطوريّة بين مَن كان حياً من أولاده وأولاد أخته. وبعد سنتين من ذلك الوقت احتفل في يوم عيد القيامة بمرور ثلاثين عاماً من حكمه، وأحس بعد ذلك بدنو أجله. فذهب ليستحم في الحمّامات الحارة في أكويريون Aqurion القريبة من القسطنطينية. ولما اشتد عليه المرض استدعى قساً ليجري له مراسيم التعميد المقدس الذي أخره عمداً إلى تلك الساعة. وكان يرجو أن يطهره هذا التعميد مما ارتكبه من الخطايا في حياته المزدحمة بالأعمال. ثم خلع الحاكم المجهد الأثواب الملكية الأرجوانية وارتدى الثوب الأبيض ثوب المسيح الحديث التنصر وأسلم الروح.


    Constantine's parentage and siblings. Dates in square brackets indicate the possession of minor titles, such as the Caesarشخصيته
    لقد كان قسطنطين قائداً بارعاً، وإدارياً عظيماً، وسياسياً لا يشق له في شئون الحكم غبار ورث الأعمال التي كان يبغي بها دقلديانوس ديانوس إعادة الدولة إلى سابق عهدها وأتمها؛ وبفضله طال عمر الإمبراطوريّة 150 عاماً. وقد واصل أنماط الحكم الملكي المطلق التي سار عليها أورليان ودقلديانوس مدفوعاً إلى هذا بأطماعه وكبريائه وباعتقاده أن الحكم المطلق هو العلاج الذي تتطلبه الفوضى السائدة في ذلك الوقت. وكان أكبر أخطائه تقسيمه الإمبراطوريّة بين أبنائه؛ ولعله قد تنبأ بأن هؤلاء الأبناء سيتنازعون فيما بينهم، يريد كل منهم أن ينفرد بالملك، كما فعل هو من قبل، ولكنه ظن أنهم سيتقاتلون حتماً إذا اختار وارثاً للملك غيرهم؛ وهذا أيضاً هو الثمن الذي تبتاع به الملكية المطلقة. أما أوامره التي أصدرها بالإعدام فليس في مقدورنا أن نصدر حكماً صحيحاً عليها لأنا لا نعرف أسبابها. وربما كانت مشاكل الحكم وأعباءه الثقيلة قد ناءت به فتغلبت المخاوف والغيرة على العقل والحكمة إلى حين، وإن لدينا الشواهد على أنه في سنيه الأخيرة قد ندم أشد الندم على ما فعل. ويبدو أن عقيدته المسيحية، التي كانت في بدايتها خطة سياسية، قد استحالت بالتدريج إلى إيمان صحيح استمسك به بإخلاص، وأصبح أكثر المبشرين في دولته مثابرة على عمله، واضطهد الملاحدة اضطهاد المؤمن المخلص لدينه، وكان يعتمد على الله في كل خطوة يخطوها. وقد وهب الإمبراطوريّة الهرمة حياة جديدة بأن ربط بينها وبين دين فتي، ونظام قوي، ومبادئ أخلاقية جديدة وكان في عمله هذا أعظم حكمة من دقلديانوس. وبفضل معونته أضحت المسيحية دولة وديناً، وأمست هي القالب الذي صبت فيه الحياة الأدبية والفكر الأوربي مدى أربعة عشر عاماً، ولعل الكنيسة التي رأت أن تشكر له فضله عليها كانت محقة حين لقبته بأنه أعظم الأباطرة إذا استثنينا أغسطس وحده.


    رأس تمثال Diocletian قيصر الشرقالجندية
    لم يتلقَ قسطنطين من العلم إلا قليلاً ، فقد انخرط في سلك الجندية في سن مبكرة ، وأظهر بسالته في الحروب التي قامت ضد مصر و فارس: ولما خلف جليريوس دقلديانوس أبقى الضابط الشاب بالقرب منه ليكون رهينة لديه يضمن به حسن مسلك قنسطنطيوس. ولما طلب إليه قنسطنطيوس أن يرسل إليه الشاب ، تلكأ جليريوس في إجابته إلى طلبه وأظهر في ذلك كثيراً من الدهاء ولكن قسطنطين فر من حراسه؛ واخترق أوربا راكباً ليلاً ونهاراً لينضم إلى أبيه في بولوني Boulogne، ويشترك معه في حرب ضد بريطانيا. وكان جيش غالة شديد الولاء لقنسطنطيوس لما كان يتصف به من الرحمة، ولما أبصر ابنه الوسيم ، الشجاع ، النشط ، أحبه حباً جماً.


    تمثال من البرونز لقسطنطين الأول - يورك - إنجلتراالإمبراطور
    لما مات والد قسطنطين في يورك ؛ لم يكتفِ الجند بأن ينادوا قسطنطين "قيصراً" فحسب بل نادوا به أغسطساً - إمبراطوراً. لكنه رضي بأصغر اللقبين بحجة أنه لن يأمن على حياته إذا لم يكن وراءه جيش يحميه. ولم يستطع جليريوس أن يتدخل في الأمر لبعده ، فاعترف به "قيصراً" وهو كاره. وحارب قسطنطين الفرنجة الذين غزوا الإمبراطورية وانتصر عليهم وأطعم وحوش المدرج الغالي ملوك البرابرة. وفي هذه الأثناء نادى الحرس البريتوري في روما بمكسنتيوس إمبراطوراً. لأنه كان يتوق لعودة الزعامة إلى العاصمة التليدة. وانقضّ عليه سفيرس من ميلان وهاجمه. وضاعف مكسميان الاضطراب والفوضى فعاد إلى لبس الأرجوان إجابة لطلب ولده ، واشترك في الحرب التي شبت نارها وقتئذ. وتخلى جنود سفيرس عنه وقتلوه ؛ وأراد جليريوس ، وكان في ذلك الوقت شيخاً طاعناً في السن أن يقوي مركزه ليواجه الفوضى التي أخذت تضرب أطنابها في البلاد، فعين أغسطساً جديداً - فلافيوس ليسنيوس Flavius Licinius، فلما سمع قسطنطين بهذا اتخذ لنفسه أيضاً هذا اللقب ؛ وبعد سنة واحدة لقب مكسمنيوس دازا نفسه باللقب عينه، وبهذا أصبح في الإمبراطوريّة ستة أغاطسة بدل الاثنين اللذين كانا على عهد دقلديانوس ، ولم يكتفِ واحد منهم بأن يكون قيصراً فقط. وتنازع مكسنتيوس مع والده ، وذهب مكسميان إلى غالة ليستغيث بقسطنطين ، وقد كان وقتئذ يحارب الألمان على ضفاف الرين. وحاول مكسميان أن يكون هو قائد الجيوش الغالية بدله، واخترق قسطنطين غالة بجيشه، وحاصر المغتصب في مرسيليا ، وأسره، وتفضل عليه بأن أجاز له أن ينتحر. وأزال موت جليريوس الحاجز الأخير بين الدسائس والحرب ، فائتمر مكسمينس ومكسنتيوس للقضاء على ليسنيوس و قسطنطين ، وائتمر الثانيان للقضاء على الأولين. ورأى قسطنطين أن يكون هو البادئ بالعمل، فعبر جبال الألب ، وهزم جيشاً لعدويه قرب تورين Turin، وزحف على روما بسرعة مدهشة ونظام عسكري يذكّران الإنسان بزحف قيصر من الربيكون Rubicon، والتقى في السابع والعشرين من شهر أكتوبر عام 312 بقوى مكسنتيوس عند سكسا ربرا Saxa Rubra (الصخور الحمراء) التي تبعد تسعة أميال عن روما جهة الشمال، وأفلح بخططه الحديثة الفائقة أن يرغم عدوه على أن يقاتل ونهر التيبر من ورائه، وليس له من طريق يسلكه إذا تقهقر إلا أن يعبر جسر ملفيوس.


    Public baths (thermae) built in Trier by Constantine. More than 100 metres (328 ft) wide by 200 metres (656 ft) long, and capable of serving several thousands at a time, the baths were made to rival those of Rome.[69]علامة الصليب
    إن قسطنطين شاهد بعد ظهر اليوم الذي دارت فيه المعركة صليباً ملتهباً في السماء وعليه تلك العبارة اليونانية En touti mika ومعناها "بهذه العلامة أنتصر" . وفي صباح اليوم الثاني - كما يقول يوسبيوس ولكتنيوس رأى قسطنطين فيما يرى النائم أن صوتاً يأمره بأن يرسم جنوده حرف X على دروعهم وفي وسطه خط يقطعه وينثني حول أعلاه - علامة الصليب. فلما استيقظ من نومه صنع بما أمر وخاض المعركة خلف لواء "عرف من ذلك الوقت باسم اللبارم Labarum" رسم عليه الحرفان الأولان من لفظ المسيح يربطهما صليب. ولعل حقيقة الأمر أن قسطنطين رأى أن يربط حظه بحظ المسيحيين حين رأى مكستنيوس يرفع لواء مثراس أورليان، وهو لواء الشمس التي لا تقهر. وكان عدد جنوده المسيحيين وقتئذ كبيراً، وبهذا جعل هذه المعركة نقطة التحول في تاريخ الأديان. ولم يكن الصليب يسيء إلى جنود قسطنطين من عُبّاد مثراس، لأنهم طالما حاربوا تحت لواء يحمل شعاراً مثراسّياً من الضوء. ومهما يكن من شيء فقد انتصر قسطنطين في واقعة جسر ملفيوس وهلك مكسنتيوس هو وآلاف من جنوده في نهر التيبر ، ودخل القائد الظافر روما وحبته المدينة وأصبح سيِّد الغرب بلا مُنازع.


    Dresden bust of Maxentius. Maxentius' rule in Italy worsened political relations within the tetrarchy, and pushed its members towards open conflict.[76] His ruling style and motivations have been likened to those of Constantineالتعاون مع ليسنيوس
    وتقابل قسطنطين وليسنيوس في ميلان في أوائل عام 313 لينسقا حكمهما: وأراد أولهما أن يجعل تأييده للمسيحيين عاماً يشمل الولايات جميعها ، فأصدر هو وليسنيوس مرسوم ميلان يؤكدان فيه التسامح الديني الذي أعلنه جليريروس ووسعا نطاقه حتى شمل الأديان كلها، ويأمران بأن يعاد إلى المسيحيين ما انتزع من أملاكهم في أثناء الاضطهاد الأخير. وعاد قسطنطين للدفاع عن غالة بعد هذا الإعلان التاريخي الذي كان في واقع الأمر اعترافاً بهزيمة الوثنية؛ واتجه ليسنيوس نحو الشرق ليكيل الضربات إلى مكسمينس. كلن مكسمينس مات بعد قليل من ذلك الوقت. فأصبح قسطنطين وليسنيوس حاكمي الإمبراطوريّة لا ينازعهما فيها منازع وتزوج ليسنيوس أخت قسطنطين ، واختبط الشعب الذي ملّ الحروب بمخايل السلام البادية في الأفق.


    A gold multiple of Constantine with Sol Invictus, printed in 313. The use of Sol's image appealed to both the educated citizens of Gaul, who would recognize in it Apollo's patronage of Augustus and the arts; and to Christians, who found solar monotheism less objectionable than the traditional pagan pantheonجولة أخرى
    لكن بعد هذه الهدنة المؤقتة كلا الحاكمين لم يفارقه قط أمله في أن يكون صاحب السيادة وحده على الدولة جميعها؛ ووصل العداء المتزايد بينهما في 313 إلى امتشاق الحسام، فغزا قسطنطين باثونيا، وهُزم لينسيوس، واضطر إلى أن يسلم له جميع أملاك الدولة الرومانية في أوربا ما عدا تراقية. وانتقم ليسنيوس من المسيحيين المؤيدين لقسطنطين بالعودة إلى اضطهادهم في آسيا و مصر ؛ فطرد المسيحيين من قصره في نقوميديا، وحتم على كل جندي أن يعبد الآلهة الوثنية ، وحرم اجتماع الرجال والنساء في أثناء العبادات المسيحية، ثم حرم آخر الأمر جميع الشعائر المسيحية داخل المدينة ، وأمر بطرد مَن عصى من المسيحيين من خدمة الحكومة وحرمانهم من حق المواطنية، ومن أملاكهم، أو حريتهم أو حياتهم. وظل قسطنطين يترقب الفرصة التي تمكنه من إنقاذ المسيحيين في بلاد الشرق ومن إضافة الشرق نفسه إلى أملاكه. وأُتيحت له هذه الفرصة حين غزا البرابرة تراقية وعجز ليسنيوس عن الزحف لملاقاتهم، فسار قسطنطين على رأس جيشه إلى تسالونيكي لينقذ ولاية ليسنيوس من الغزاة. فلما أن صد البرابرة احتج ليسنيوس على دخوله تراقيا ، وتجددت الحرب بين الملكين لأن كليهما لم يكن يجنح للسلم. والتقى حامي المسيحية ومعه 130.000 من رجاله بحامي الوثنية على رأس 160.000 في أدرنة أولاً ثم في كريسوبوليس Chrysopolis (أشقودرة)، وانتصر وأصبح وحده إمبراطوراً على الدولة الرومانية (323). استسلم ليسنيوس بعد أن وعده قسطنطين بالعفو عنه، ولكنه أعدم في السنة الثانية متهماً بأنه عاد إلى دسائسه. واستدعى قسطنطين المنفيين من المسيحيين، وأعاد إلى كل "المؤمنين" ما فقدوه من الامتيازات والممتلكات. ومع أنه كان لا يزال يُعلن أن الناس كلهم أحرار فيما يعبدون، فقد أعلن وقتئذ صراحة اعتناقه الدين المسيحي، ودعا رعاياه أن ينهجوا نهجه في اعتناق الدين الجديد. قالب:معارك قسطنطين

    قسطنطين والمسيحية
    ترى هل كان قسطنطين حين اعتنق المسيحية مخلصاً في عمله هذا؟ وهل أقدم عليه عن عقيدة دينية ، أو هل كان ذلك العمل حركة بارعة أملتها عليه حكمته السياسية؟ أكبر الظن أن الرأي الأخير هو الصواب. لقد إعتنقت أمه هلينا الدين المسيحي حين طلقها قنسطنطيوس ؛ ولعلها أفضت إلى ولدها بفضائل المسيحية ، وما من شك في أنه تأثر بما ناله من انتصارات في المعارك الحربية التي خاض غمارها مستظلاً بلواء المسيح وصليبه. ولكن المتشكك وحده هو الذي يحتال هذا الاحتيال على استخدام مشاعر الإنسانية الدينية لنيل أغراضه الدنيوية. ويقول صاحب كتاب تاريخ أغسطس Historia Augusta على لسانه: "إن الحظ وحده هو الذي يجعل الإنسان إمبراطوراً" - وإن كان قوله هذا تواضعاً منه لا اعتقاداً بسيطرة الظروف على مصائر الناس. وقد أحاط نفسه في بلاطه ببلاد غالة بالعلماء والفلاسفة الوثنيين ؛ وكلما كان اعتناقه دينه الجديد يخضع لما تتطلبه العبادات المسيحية من شعائر وطقوس ، ويتضح من رسائله التي بعث بها إلى الأساقفة المسيحيين أنه لم يكن يعنى بالفروق اللاهوتية التي كانت تضطرب لها المسيحية - مع أنه لم يكن يتردد في القضاء على الانشقاق محافظة على وحدة الإمبراطورية.

    وقد كان في أثناء حكمه كله يعامل الأساقفة على أنهم أعوانه السياسيون ؛ فكان يستدعيهم إليه، ويرأس مجالسهم، ويتعهد بتنفيذ ما تقره أغلبيتهم من آراء. ولو أنه كان مسيحياً حقاً أولاً وحاكماً سياسياً بعدئذ ؛ ولكن الآية انعكست في حال قسطنطين ، فكانت المسيحية عنده وسيلة لا غاية. ولقد شهد في حياته كيف أخفق الاضطهاد ثلاث مرات ، وانطبع في نفسه بلا ريب انتصار المسيحية رغم كل اضطهاد. نعم إن أتباع هذا الدين كانوا لا يزالون قلة في الدولة ، ولكنهم كانوا إذا قيسوا إلى غيرهم قلة متحدة ، مستبسلة قوية، على حين أن الأغلبية الوثنية كانت منقسمة إلى عدة شيع دينية، وكان فيها عدد كبير من النفوس التي لا عقيدة لها ولا نفوذ في الدولة. وكان المسيحيون كثيرين في روما بنوع خاص في عهد مكسنتيوس ، وفي الشرق في أيام ليسنيوس ؛ وقد أفاد قسطنطين من تأييد المسيحية اثنا عشر فيلقاً لاقى بها هذين القائدين. ولقد اعجب بجودة نظام المسيحيين إذا قيسوا بغيرهم من سكان الإمبراطوريّة، وبمتانة أخلاقهم، وحسن سلوكهم، وبجمال الشعائر المسيحية وخلوها من القرابين الدموية ، وبطاعة المسيحيين لرؤسائهم الدينيين ، وبرضاهم صاغرين بفوارق الحياة رضاء مبعثه أملهم في أنهم سيحظون بالسعادة في الدار الآخرة. ولعله كان يرجو أن يطهر هذا الدين الجديد أخلاق الرومان. ويعيد إلى الأسرة ما كان لها من شأن قديم، ويخفف من حدة حرب الطبقات، وقلما كان المسيحيون يخرجون على الدولة رغم ما لاقوه من ضروب الاضطهاد الشديد، ذلك بأن معلميهم قد غرسوا في نفوسهم واجب الخضوع للسلطات المدنية، ولقنوهم حق الملوك المقدس.

    كان قسطنطين يأمل أن يكون ملكاً مطلق السلطان، وهذا النوع من الحكم يفيد لا محالة من تأييد الدين، وقد بدا له أن النظام الكهنوتي وسلطان الكنيسة الدنيوي يقيمان نظاماً روحياً يناسب نظام الملكية، ولعل هذا النظام العجيب بما فيه من أساقفة وقساوسة، يصبح أداة لتهدئة البلاد وتوحيدها وحكمها. لكن قسطنطين اضطر إلى أن يتحسس كل خطوة يخطوها بحذر، لأن الوثنية كانت هي الغالبة على العالم الذي يعيش فيه. ولذلك ظل يستخدم ألفاظاً توحيدية يستطيع أن يقبلها كل وثني، وقام خلال السنين الأولى من سلطانه المفرد في صبر وأناة بجميع المراسيم التي يتطلبها منه منصب الكاهن الأكبر ، والتي تحتمها عليه الطقوس التقليدية ، وجدد بناء الهياكل الوثنية ، وأمر بممارسة أساليب العرافة ؛ واستخدم في تدشين القسطنطينية شعائر وثنية ومسيحية معاً ، واستعمل رقى سحرية وثنية لحماية المحاصيل وشفاء الأمراض. ولما توطدت دعائم قوته أخذ يجهر تدريجياً بمحاباة المسيحية ، فمحا بعد عام 317 من نقوده واحدة بعد واحدة ما كان على وجهها من صور وثنية ، ولم يحل عام 323 حتى كان كل ما عليها من الرسوم نقوشاً محايدة لا هي مسيحية ولا وثنية.

    ومن المراسيم القانونية الباقية من عهده مرسوم مشكوك فيه ولكنه لم يثبت كذبه، يخول الأساقفة المسيحيين حق الفصل فيما يقوم في أبرشياتهم من منازعات قضائية ، وأعفت قوانين أخرى أملاك الكنيسة العقارية من الضرائبوجعلت الجماعات المسيحية شخصيات معنوية قضائية، وأجازت لها امتلاك الأرض وقبول الهبات، وجعلت الكنيسة هي الوارثة لأملاك الشهداء الذين لم يعقبوا ذرية. وكذلك وهب قسطنطين أموالاً إلى المجامع الدينية المحتاجة إليها، وشاد عدداً من الكنائس في القسطنطينية وغيرها من المُدن، وحرّم عبادة الأوثان في عاصمته الجديدة. وكأنه نسي مرسوم ميلان فحرّم اجتماع الشيع الدينية الملحدة، وأمر آخر الأمر بتدمير مجامعهم الدينية.

    وربى أبناءه تربية مسيحية سليمة، وأعان بالمال أعمال البر المسيحية التي كانت تقوم بها أمه. وابتهجت الكنيسة بهذه النعم التي فاقت كل ما كانت تتوقعه؛ وكتب يوسيبوس صحائف كانت في واقع الأمر عقود مدح لقسطنطين وإقراراً بفضله، واحتشد المسيحيون في جميع أنحاء الإمبراطوريّة ليعبروا عن شكرهم لانتصار إلههم. غير أن سحباً ثلاثاً كدّرت صفو ذلك اليوم الذي "لا سحاب فيه": تلك هي انشقاق الاديرة، والانشقاق الدوناني ، والإلحاد الأريوسي. وكانت الكنيسة، في الفترة الواقعة بين اضطهادي ديسيوس ودقلديانوس، قد أضحت أغنى الهيئات الدينية في الإمبراطوريّة، وخففت من هجماتها على الثراء. فترى سبريان يشكو من أن أبناء أبرشيته قد أضل حب المال عقولهم، ومن أن النساء المسيحيات يصبغ وجوههن، وأن الأساقفة يتولون مناصب في الدولة تدر عليهم المال الكثير، فأثروا، وأقرضوا المال بربا فاحش، وارتدوا عن دينهم إذا بدت لهم أول علامة من علامات الخطر ، ويبدي يوسبيوس حزنه من تناحر القساوسة في تنافسهم على المناصب الكنسية العليا. وقصارى القول أن الدنيا جعلت المسيحيين رجال دنيا في الوقت الذي هدت فيه المسيحية العالم إلى ذلك الدين؛ وأظهرت الدنيا ما في الفطرة البشرية من غرائز وثنية.


    The Battle of the Milvian Bridge by Giulio Romanoالرهبنة
    وقامت الرهبنة المسيحية احتجاجاً على هذا التوفيق المتبادل بين الروح والجسم. ذلك أن أقلية من المسيحيين كانت ترغب في الابتعاد عن كل طاعة للشهوات البشرية، وتطالب بالاستمرار على الانهماك المسيحي القديم في التفكير في الحياة الأبدية الخالدة. وجرى بعض هؤلاء الزهاد على الكلبيين فتخلوا عن جميع أملاكهم، وارتدوا ثوب الفلاسفة الخلق، وعاشوا على ما يقدم لهم من صدقات. وذهب بعضهم ليعيشوا بمفردهم في الصحراء المصرية كما فعل بولس الناسك. وحدث حوالي عام 275 أن بدأ راهب مصري يدعى أنطونيوس ربع قرن من حياة العزلة قضى بعضها أولاً في قبر ، وبعضها في حصن جبلي مهجور ، وبعضها الآخر في فجوة ضيقة نحتها في الصخور، كانت تنتابه فيها أثناء الليل رؤى مخيفة وأحلام لذيذة تغلب عليها كلها، حتى اشتهر بالقداسة، وعمت هذه الشهرة جميع أنحاء العالم المسيحي، وعمرت الصحراء بالنساك المنافسين له. وأحس باخوميوس في عام 325 أن اعتزال الناس أنانية فجمع الزهاد في دير عند طابين في مصر ، وأنشأ الرهبنة الجماعية التي صار لها أعظم الأثر في بلاد الغرب.

    وقاومت الكنيسة حركة الرهبنة وقتاً ما ، ثم رضيت بها لتوازن اهتمامها المتزايد بشئون الحكم. وقبل أن يمضي عام واحد على اعتناق قسطنطين المسيحية حدث فيها انشقاق شديد الخطورة كاد يقضي عليها في ساعة النصر. ذلك أن دوناتس Donatus أسقف قرطاجنة ، يؤيده قسطنطين اسمه كاسمه ومزاجه كمزاجه، أصر على أن الأساقفة الذين أسلموا الكتاب المقدس لرجال الشرطة الوثنيين قد فقدوا بعملهم هذا أهليهم لمنصبهم وسلطتهم ، وأن شعائر التعميد ورسامة القساوسة التي تجري على أيدي هؤلاء الأساقفة باطلة، وان صحة العشاء الرباني يقف بعضها على الحالة الروحية للقائم بخدمته. ولما رفضت الكنيسة العمل بهذه العقائد الصارمة نصب الدوناتيون أساقفة جدد في كل مكان رأوا أن الأسقف الذي فيه لا تنطبق عليه شروطهم، وحزن قسطنطين أشد الحزن لما أعقب هذه الحركة من فوضى وعنف، وقد كان يظن أن المسيحية ستكون قوة تعمل على الوحدة؛ ولعله قد تأثر بعض التأثر بالحلف الذي عقد إلى حين بين الدوناتيين وبين القائمين بالحركة المتطرفة بين الزراع الأفريقيين. ولهذا دعا الأساقفة إلى مجلس جامع يعقد في أرليس ، وأيد ما أصدره من قرار بالتشهير بالدوناتية، وأمر المنشقين بالعودة إلى الكنيسة، وقرر أن المجامع التي لا تطيع هذا القرار تفقد أملاكها وحقوقها المدنية. وبعد خمس سنين من ذلك الوقت طافت بعقله في فترة قصيرة ذكرى مرسوم ميلان، فألغى هذه القرارات، وتسامح مع الدوناتيين تسامحاً مصحوباً بالسخرية. وبقيت هذه الشيعة حتى قضى العرب على أتباع الدين القويم وعلى الملحدين حين فتحوا أفريقيا.


    Sardonyx cameo depicting Constantine the Great crowned by Constantinopleالأفلاطونية
    وفي هذه السنين نفسها شهدت الإسكندرية قيام أخطر حركة إلحادية في تاريخ الكنيسة. ذلك أن قساً مصرياً تقدم إلى أسقفه حوالي عام 318 بآراء غريبة عن طبيعة المسيح ، ويصفه مؤرخ كاثوليكي عالم وصفاً كريماً فيقول: "كان أريوس... طويل القامة، نحيل الجسم، مكتئب المظهر، ذا منظر تبدو فيه آثار خشونة العيش. وكان معروفاً بأنه من الزهاد ، كما يستدل على ذلك من ملبسه - وهو جلباب قصير من غير كمين تحت ملحفة يستخدمها عباءة وكانت طريقته في الحديث ظريفة، وخطبه مقنعة. وكانت العذارى اللاتي نذرن أنفسهن للدين ، وهن كثيرات في الإسكندرية ، يبجلنه أعظم التبجيل، وكان له من بين رجال الدين عدد كبير من المؤيدين". ويقول أريوس إن المسيح لم يكن هو والخالق شيئاً واحداً، بل كان هو الكلمة أول الكائنات التي خلقها الله وأسماها. واحتج الأسقف ألكسندر على هذا القول ، ولكن أريوس أصر عليه وقال إنه إذا كان الابن من نسل الأب ، فلابد أن تكون ولادته قد حدثت في زمن ، وعلى هذا لا يمكن أن يكون الابن مصقفاً مع وجود الأب في الزمن. يضاف إلى هذا أنه إذا كان المسيح قد خلق فلابد أن يكون خلقه من لا شيء ، أي من غير مادة الأب ؛ لأن المسيح والأب ليسا من مادة واحدة. وقد ولد الروح القدس من الكلمة ، وهو أقل ألوهية من الكلمة نفسها. ونحن نرى في هذه العقائد استمرار للأفكار المنحدرة من أفلاطون عن طريق الرواقيين ، و فيلون ، و أفلوطينس ، و أرجن إلى أريوس. وبذلك أصبحت الأفلاطونية التي كان لها أعظم الأثر في اللاهوت المسيحي في نزاع مع الكنيسة. وارتاع الأسقف ألكسندر من هذه الآراء، وارتاع أكثر من هذا من سرعة انتشارها بين رجال الدين أنفسهم. ولهذا دعا مجلساً من الأساقفة المصريين إلى الاجتماع في الإسكندرية ، وأقنع أعضاءه بأن يحكموا بتجريد أريوس وأتباعه؛ وأبلغ الإجراءات التي اتخذها المجلس إلى سائر الأساقفة، فاعترض عليها بعضهم، وأظهر بعض القساوسة عطفاً على أريوس، واختلفت آراء رجال الدين والدنيا في الولايات الأسيوية في هذه المشكلة، وترددت في المدائن أصداء "الضجيج والاضطراب... حتى كان الدين المسيحي"، كما يقول يوسبيوس "موضوع السخرية الدنسة من الوثنيين، حتى في دور التمثيل نفسها". ولما جاء قسطنطين إلى نقوميديا بعد أن هزم ليسنيوس، سمع هذه القصة من أسقفها ، فأرسل إلى الاسكندر وإلى أريوس رسالة شخصية يدعوهما فيها أن يتخلقا بهدوء الفلاسفة ، وأن يوفقا بين آرائهما المختلفة في سلام، فإن لم يفعلا فلا أقل من أن يخفيا جدلهما عن آذان الجماهير، ويكشف هذا الخطاب، الذي نقله لنا يوسبيوس، في صراحة عن قلة اهتمام قسطنطين بعلوم الدين، وعن الهدف السياسي الذي كان يبتغيه من سياسته الدينية: "لقد اقترحت أن أرّد جميع آراء الناس في الله إلى صورة واحد ، لأني قوي الاعتقاد بأني إذا استطعت أن أوحد آراءهم في هذا الموضوع سهل علي كثيراً تصريف الشئون العامة. ولكني مع الأسف الشديد أسمع أن بينكما من الخلاف أكثر مما كان قائماً في أفريقيا من وقت قريب. ويبدو لي أن سبب هذا الخلاف بينكما صغير تافه غير جدير بأن يثير هذا النزاع الشديد. فأنت يا ألكسندر تريد أن تعرف رأي قساوتك في إحدى النقاط القانونية، في جزء من سؤال هو في حد ذاته عديم الأهمية؛ وأما أنت يا أريوس فقد كان الواجب عليك، إذا كانت لديك أفكار من هذا القبيل، أن تظل صامتاً. ولم يكن ثمة حاجة إلى إثارة هذه المسائل أمام الجماهير... لأنها مسائل لا يثيرها إلا مَن ليس لديهم عمل يشغلون به أنفسهم، ولا يرجى منها إلا أن تزيد عقول الناس حدة... تلك أعمال سخيفة بالأطفال العديمي التجربة لا برجال الدين أو العقلاء من الناس". ولم يكن لهذه الرسالة أثر ما لأن مسالة اتفاق الأب والابن في المادة لا مجرد تشابههما كانت في نظر الكنيسة مسألة حيوية من الوجهتين الدينية والسياسية، وكانت ترى أنه إذا لم يكن المسيح إلهاً فإن كيان العقيدة المسيحية كلها يبدأ في التصدع ، وإذا ما سمحت باختلاف الرأي في هذا الموضوع فإن فوضى العقائد قد تقضي على وحدة الكنيسة وسلطانها، ومن ثم على ما لها من قيمة بوصفها عوناً للدولة. ولما انتشر الجدل في هذه المسألة، واشتعلت نيران الخلاف في بلاد الشرق اليوناني، اعتزم قسطنطين أن يقضي عليه بدعوة أول مجلس عام للكنيسة. ولهذا عقد مجلساً من الأساقفة عام 325 في نيقية البيثينية بالقرب من عاصمة نقوميديا ، وأعد ما يلزم من المال لنفقاتهم. وحضر الاجتماع عدد لا يقل عن 318 "يصحبهم" كما يقول واحداً منهم "حشد كبير من رجال الدين الأقل منهم درجة" ، وهو قول يدل على مقدار نماء الكنيسة العظيم. وكان معظم الأساقفة من الولايات الشرقية، لأن كثيراً من الأبرشيات الغربية تجاهلت هذا الجد، واكتفى البابا سلفستر الأول Silvester l بأن مثله بعض القساوسة، لأن المرض حال بينه وبين حضور الاجتماع بنفسه. واجتمع المجلس في بهو أحد القصور الإمبراطوريّة تحت رياسة قسطنطين، وافتتح هو المناقشات بدعوة موجزة وجهها إلى الأساقفة يطلب إليهم فيها أن يعيدوا إلى الكنيسة وحدتها. ويقول يوسبيوس إنه كان يستمع بصبر عظيم إلى المناقشات، ويهدئ من عنف الجماعات المتنازعة، ويشترك في المناقشات بنفسه. وأكد أريوس من جديد رأيه القائل بأن المسيح مخلوق، لا يرقى إلى منزلة الأب، ولكنه "مقدس بالاشتراك" معه لا غير. وقد أرغمته بعض الاسئلة الحاذقة على أن يعترف بأنه إذا كان المسيح مخلوقاً؛ وأن له بداية؛ فإن في مقدوره أن يتحول، وأنه إذا استطاع أن يتحول، فقد ينتقل من الفضيلة إلى الرذيلة. وكانت إجاباته عن الأسئلة منطقية، صريحة، قاطعة. وقد أوضح أثناسيوس Athanasiua، رئيس الشمامسة البليغ المشاكس، الذي جاء به الاسكندر معه ليقطع به لسان معارضيه، انه إذا لم يكن المسيح والروح القدس كلاهما من مادة الأب، فإن الشرك لابد أن ينتصر.


    رأس قسطنطين من البرونزوقد سلم بما في تصوير أشخاص ثلاثة في صورة اله واحد من صعوبة، ولكنه قال بأن العقل يجب أن يخضع لما فيه الثالوث من خفاء وغموض. ووافقه الأساقفة جميعهم على رأيه عدا سبعة عشر منهم ووقعوا قراراً يعلنون فيه هذا الرأي. ورضي مؤيدو أريوس أن يوقعوا معهم إذا سمح لهم بأن يضيفوا إلى هذا الإعلان نقطة واحدة وهي أن يستبدلوا كلمة همويوسيون Homoiousion (اي مماثلاً في الجوهر) بكلمة همؤوسيون Homoousion أي من جوهر واحد. ولكن المجلس رفض هذا التعديل وأصدر بموافقة الإمبراطور القرار الآتي: "نحن نؤمن بإله واحد، وهو الأب القادر على كل شيء، خالق الأشياء كلها ما ظهر منها وما بطن، وبسيّد واحد هو يسوع المسيح ابن الله، المولود... غير المخلوق من نفس جوهر الأب... وبأنه من أجلنا نحن البشر ومن أجل نجاتنا نزل وتجسد، وصار إنساناً، وتعذّب، وقام مرة ثانية في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، وسيعود ليحاسب الأحياء والأموات... ). ولم يرفض توقيع هذه الصيغة إلا خمسة من الأساقفة، نقصوا آخر الأمر إلى اثنين. وحكم المجلس على هذين الأسقفين وعلى أريوس الذي لم يتزحزح عن عقيدته أو يتوب عما صدر منه، حكم عليهم باللعنة والحرمان، ونفاهم الإمبراطور من البلاد. وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب أريوس جميعها ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام . واحتفل قسطنطين بانقضاض المجلس بأن دعا جميع الأساقفة الذين حضروه إلى وليمة ملكية، ثم صرفهم بعد أن طلب إليهم ألا يمزق بعضهم أجساد بعض(51)، ولكنه أخطأ إذ ظن أن النزاع قد وقف عند هذا الحد، أو أنه هو لن يغير رأيه فيه. غير أنه كان على حق حين اعتقد أنه خطا خطوة كبيرة في سبيل وحدة الكنيسة. فلقد أذاع المجلس عقيدة الكثرة العظمى من رجال الدين، وهي أن نظام الكنيسة وبقاءها يتطلبان تحديد العقائد بطريقة ما؛ وقد أثمر آخر الأمر ذلك الإجماع العملي على العقيدة الأساسية التي اشتق منها اسم الكنيسة في العصور الوسطى وهو الكنيسة الكاثوليكية. وكان في الوقت نفسه إيذاناً باستبدال المسيحية بالوثنية وجعلها المظهر الديني والعضد القوي للإمبراطوريّة الرومانية. واضطر قسطنطين أن يكون أكثر تصميماً من ذي قبل على التحالف مع المسيحية؛ وهكذا بدأت حضارة جديدة، ومؤسسة على دين جديد، تقوم على أنقاض ثقافة مضعضعة وعقيدة محتضرة. لقد بدأت العصور الوسطى.


    قسطنطين العظيم في لوحة فسيفساء في Hagia Sophia 1000قسطنطين والحضارة
    أنشأ قسطنطين بعد سنة واحدة من اجتماع المجلس مدينة جديدة وسط خرائب بيزنطية سماها روما الجديدة Nova Roma وسمتها الأجيال التي أعقبته باسمه. وفي عام 330 أدار ظهره نحو روما ونيقوميدية كلتيهما، واتخذ القسطنطينية عاصمة له، وأحاط نفسه فيها بأبهة الملوك الشرقيين وحاشيتهم، لاعتقاده أن ما تحدثه هذه الأبهة من تأثير نفساني في الجيش والشعب سوف يجعل ما تحتاجه مظاهرها من المال الكثير اقتصاداً حقيقياً في مطالب الحكم. وبسط رعايته على الجيش بما أوتي من حسن السياسة وقوّاه بأن أمده بالسلاح، وخفف من نير الاستبداد بقراراته الرحيمة، وناصر الآداب والفنون، وشجع مدارس أثينة، وأنشأ جامعة جديدة في القسطنطينية، كان فيها أساتذة يتناولون مرتبات من قِبَل الدولة، ويعلّمون اللغتين اليونانية واللاتينية، والآداب والفلسفة، والبلاغة والقانون، ويدربون الموظفين الذين تحتاجهم الإمبراطوريّة. وأيد ما كان للأطباء والمدرسين في جميع الولايات من امتيازات ووسّع نطاقها، وأمر الحكام أن ينشئوا في ولاياتهم مدارس للعمارة، وأن يستجلبوا الطلاب إليها بمختلف الامتيازات والمكافآت، وأعفي الفنانين من الواجبات المفروضة على غيرهم من المدنيين حتى يوفر لهم ما يكفي من الوقت لإتقان فنهم وتعليمه أبناءهم. وقد استعان بالكنوز الفنية في جميع أنحاء الإمبراطوريّة على تجميل القسطنطينية حاضرته الجديدة. وبدأت أعمال البناء في روما في ذلك العهد على يد مكسنتيوس، فقد بدأ هو وأنم قسطنطين باسلقا ضخمة كانت هي تاج العمارة القديمة في الغرب. وعمد في بنائها إلى طراز الحمّامات الكبرى فعدّله وشاد على طرازه المعدل صرحاً عظيماً تشغل قاعدته 330 قدماً في 250.


    The Baptism of Constantine, as imagined by students of Raphaelوكانت لردهتها الوسطى التي تبلغ 104 قدماً في 82 سقف مكون من ثلاث قباب متقاطعة مشيدة بالأسمنت المسلح يبلغ ارتفاعها 120 قدماً يستند بعضها إلى ثماني دعامات عريضة تواجهها عمد كورنثية ذات حزوز غائرة يبلغ ارتفاعها ستين قدماً. وكانت أرضها من الرخام الملوَّن؛ ووضعت بين الأعمدة عدة تماثيل، وعلت جدران هذه الأجزاء التي بين الأعمدة فوق سقفها لكي تكون دعامات مرتفعة للقباب الوسطى. ولقد تعلم مهندسو القوط ومهندسو النهضة الشيء الكثير من هذه القباب والدعامات، ولما أراد برامنتي Bramante أن يخطط كنيسة القدّيس بطرس اعتزم أن يتوج صحن الكنيسة الواسع بقبة ضخمة، أو "أن يقيم بناء الكنيسة الكبرى فوق باسلقا قسطنطين". وشاد أول الأباطرة المسيحيين كنائس كثيرة في روما وأكبر الظن أن الشكل الأول لكنيسة سان لورنزو التي في خارج روما كان من هذه الكنائس. وأراد أن يحتفل بذكرى نصره عند نهر ملفيوس فأقام في عام 315 قوساً لا يزال يشرف على طريق النصر Via del Trionfi؛ وهو من أكمل الآثار الباقية في روما ولم ينقص من عظمته كثيراً ما انتزع من أجزائه آناً بعد آن.


    The Constantinian dynasty down to Gratian (r. 367–383)ويتركب من أربعة جذوع دقيقة التناسب ترتفع فوق القاعدة المنحوتة، وتقسم الأقواس للثلاثة، وتسند الدعامة المزخرفة المرتكزة عليها. وعلى الطبقة العليا نقوش بارزة وتماثيل مأخوذة من آثار لتراجان وأورليوس، كما أن الحليات الوسطى التي بين الأعمدة مأخوذة من مبانٍ شيدت في عهد هدريان. وربما كان نقشان من النقوش البارزة من عمل فناني قسطنطين، ويشهد ما في هذا الأثر من صور جالسة، ومن اختلاط سمج بين الوجوه المصورة من الجانب والسيقان المصورة من الأمام، ومن تكديس الرؤوس فوق الرؤوس بدل أن يراعي الفنان قواعد المنظور، يشهد كل هذا بخشونة الذوق وعدم الإتقان الفني ولكن الحفر العميق وما يقع عليه من ضوء وظل، يطبع في الخيال صورة واضحة من العمق والسعة، والحادثات التي تقصها تلك النقوش ممثلة بحيوية خشنة كأنما الفن الإيطالي قد اعتزم أن يعود إلى منبعه الأول.


    Coin of Constantine, with depiction of the sun god Sol Invictus, holding a globe and right hand raised. The legend on the reverse reads SOLI INVICTO COMITI, to (Constantine's) "companion, the unconquered Sol".ويبدو تمثال قسطنطين الضخم المحفوظ في الكنسر فتورى بدائياً إلى حد تشمئز منه النفس، ولا يكاد العقل يصدق أن الرجل الذي تفضل فرأس مجمع نيقية يشبه البربري الفظ إلى الحد الذي يطالع الإنسان في هذا التمثال- إلا إذا كان الفنان قد أراد أن يوضح مقدماً العبارة الجامعة الساخرة التي قالها جبن: "لقد وصفت انتصار الهمجية والدين". وفي أوائل هذا القرن الرابع أخذ فن جديد يتشكل ويزهر في الوجود- ونعني به "تزيين" المخطوطات بصورة ملونة صغيرة. وكان معظم الأدب في ذلك الوقت مسيحي الطابع. ومن أدباء ذلك العصر لوسيوس فرمنيانس لكتنيوس Lucius Firminianus Lactantius الذي شرح شرحاً بليغاً في كتابيه الأنظمة المقدسة Divinae Institutiones (307) وفي الاضطهاد المميت De Mortibus Persecutorum (314) الآلام الأخيرة التي عاناها الأباطرة مضطهدو المسيحيين، ولم يكن هذا الوصف يقل عن وصف شيشرون بلاغة وحقداً. ومن أقواله في هذا المعنى: "إن طبيعة الدين تحتم أن يكون حراً، طليقاً، غير متأثر بأي ضغط"(55)، وتلك بدعة لم تطل حياته حتى يكفّر عنها، وكان يوسبيوس بمفيلي أسقف قيصرية أوسع منه شهرة. وقد بدأ حياته الأدبية كاتباً قسيساً وأمين مكتبة لسلفه الأسقف بمفيلس، وقد بلغ من حبه لهذا الأسقف أن تسمى باسمه. وكان بمفيلس الأكبر قد حصل على مكتبة أرجن وضم إليها أكبر مجموعة من الكتب المسيحية عرفت حتى ذلك الوقت. وعاش يوسبيوس بين هذه الكتب، فأصبح بذلك أكثر رجال الدين علماً في زمانه. وقضى بمفيلس نحبه أثناء اضطهادات جليريوس (310)، وأخذ الناس يتساءلون فيما بعد كيف بقي يوسبيوس حياً بعد هذا الاضطهاد، حتى أقضت هذه الأسئلة مضجع الرجل وآذت سمعته.


    Follis by Constantine. On the reverse, a labarum.وقد عاداه الكثيرون لموقفه الوسط بين أريوس والاسكندر، ولكنه رغم هذا أصبح في بلاط الاسكندر كما كان بوسويه Bossuet في بلاط لويس الرابع عشر، وكلف بكتابة سيرة الإمبراطور، وجمعت بعض كتاباته في تاريخ عام- يعد أوفى الكتب التاريخية القديمة. وقد رتب يوسبيوس التاريخين المقدس والدنس في عمودين متوازيين يفصل بينهما صف من تواريخ السنين المشتركة في كليهما، وحاول أن يحدد السنة التي وقعت فيها كل حادثة خطيرة من أيام إبراهيم الخليل إلى أيام قسطنطين. وقد اعتمدت كل التواريخ المتأخرة على "قانونه" هذا. ثم كسا يوسبيوس هذه العظام لحماً، ونشر في عام 325 تاريخاً كنسياً يصف فيه نماء الكنيسة من أول عهدها إلى مجمع نيقية. ويحتوي الفصل الأول من هذا الكتاب- وكان نموذجاً نسج منواله بوسويه مرة أخرى- على أقدم ما كتب في فلسفة التاريخ- فقد صور الزمان كأنه ميدان القتال بين الله والشيطان كما صور الحوادث جميعها على أنها معينة على انتصار المسيح. والكتاب سيئ الترتيب ولكنه حسن الأسلوب. وقد فحص عن المراجع فحصاً دقيقاً راعى فيه الذمة والضمير، وتبلغ أحكامه من الدقة ما تبلغه أحكام أي كتاب قديم في التاريخ؛ وهو في كل خطوة يخطوها يجعل الخلف مديناً له وذلك بما ينقله عن وثائق خطيرة لولا هذا لما عرف العالم عنها شيئاً. والأسقف المؤلف غزير المادة، واسع الاطلاع إلى حد كبير، وأسلوبه تسري فيه العاطفة القوية، والشعور الفياض، ويسمو إلى أعلى الدرجات في لحظات الكراهية الدينية وهو يعترف صراحة بأنه حذف من كتابه كل ما لا يقوي إيمان قرائه المسيحيين أو يؤيد فلسفته ويحاول أن يكتب تاريخ المجلس العظيم- مجلس نيقية- دون أن يذكر اسم أريوس أو أثناسيوس.


    An example of "staring eyes" on later Constantine coinage.وهذا الغش الشريف نفسه هو الذي يجعل كتابه الآخر حياة قسطنطين تسبيحاً بحمد الرجل لا ترجمة له. فهو يبدؤه بثمانية فصول ملهمة عن تقوى الإمبراطور وأعماله الصالحة، ويصف لنا كيف "حكم الإمبراطوريّة حكماً راعى فيه حدود الله أكثر من ثلاثين عاماً". وليس في مقدور الإنسان بعد أن يقرأ هذا الكتاب أن يظن أن قسطنطين قتل ولده وابن أخته وزوجته. ذلك أن قسطنطين قد أحسن تدبير كل الأمور ما عدا أمور أسرته، شأنه في هذا شأن أغسطس. ولقد كانت صلاته بأمه طيبة سعيدة بوجه عام، ويبدو أنها سافرت بتكليف منه إلى أورشليم ودمرت ذلك الهيكل الشائن، هيكل أفرديتي الذي بني، كما يقول البعض، فوق قبر المسيح المنقذ. ويقول يوسبيوس إن الضريح المقدس ظهر للعين في ذلك المكان، وفيه الصليب بعينه الذي مات عليه المسيح. وأمر قسطنطين أن تشاد كنيسة الضريح المقدس فوق القبر، وحفظت الآثار المعظمة في خزانة مقدسة خاصة. ومن ذلك الحين بدا العالم المسيحي يجمع مخلفات المسيح والقديسين ويعيدها، كما كان العالم الوثني في الأيام القديمة السابقة يعتزب بمخلفات حرب طروادة ويعظمها، وكما كانت روما نفسها تفخر بتمثال أثيني إلهة الحكمة حامية طروادة. وقد غير العالم المسيحي مظهر هذه العبادة وجدد جوهرها كما يفعل الخلائق من أقدم العهود. وشادت هلينا كنيسة صغيرة في بيت لحم في الموضع الذي تقول الرواية أن يسوع وُلد فيه، وقامت في تواضع بخدمة الراهبات اللائي كن يقمن بالخدمة في هذه الكنيسة، ثم عادت إلى القسطنطينية لتموت بين ذراعي ولدها.

    أنظر أيضا
    قسطنطين الثاني
    الإمبراطورية الرومانية
    وصلات خارجية
    هنالك المزيد من الملفات في ويكيميديا كومونز حول :
    قسطنطين الأولLetters of Constantine: Book 1, Book 2, & Book 3
    Encyclopaedia Britannica, Constantine I
    12 Byzantine Rulers by Lars Brownworth of Stony Brook School (grades 7-12). 40 minute audio lecture on Constantine.
    Constantine I in the 1911 Encyclopædia Britannica
    Constantine the Great A site about Constantine the Great and his bronze coins emphasizing history using coins, with many resources including reverse types issued and reverse translations.
    House of Constantine bronze coins Illustrations and descriptions of coins of Constantine the Great and his relatives.
    BBC North Yorkshire's site on Roman York, Yorkshire and Constantine the Great

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 10:53 am